سورة الكهف - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


عوجا: العِوج بكسر العين عدم الاستقامة. قيّما: مستقيما، معتدلا. البأس: العذاب. من لدنه: من عنده. كبرتْ كلمة: ما اعظمها من مقالة في الكفر، ومعنى الكلام الاستغراب والتعجب. فلعلك باخعٌ نفسَك: لعلك مهلكٌ نفسك. على آثارهم: من بعدهم. صعيدا جرزا: تراباً لا يُنبت.
ان الله تعالى يحمد نفسه المقدسة عند فواتح الأمور وخواتمها، ولهذا حمد نفسه على إنزاله القرآنَ على رسوله الكريم، وهو اعظم نعمة أنعمها الله على أهل الأرض. فبه أَخرجهم من الظلمات إلى النور، ولم يجعل فيه اعوجاجا لا باختلال ألفاظه، ولا بتباين معانيه، بل جعله مستقيما معتدلا، لا إفراط فيه ولا تفريط، لينذر الجاحدين بعذا شديد من عنده، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الاعمال الصالحة بأن لهم ثوابا جزيلا. {مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً} مقيمين فيه ابدا.
وينذر على الخصوص الذين قالوا إن الله اتخذ ولدا، وهو منزه عن الولد والشريك، ولا دليل لديهم على قولهم هذا لا هم ولا آباؤهم، فما أعظمَ هذا الافتراء، وما اكبر هذه الكلمة التي تفوهوا بها! وما قولهم هذا الا محض اختلاق وكذب.
{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ} لا تهلك نفسك أيها النبي أسفاً وحسرة عليهم. لأنهم لم يؤمنوا بالقرآن، أبلغهم رسالة ربك، فمن اهتدى منهم فلنفسه، ومن ضل فانما يضل عليها.
إنا خلقناهم للخير ولاشر، وصيرنا ما فوق الأرض زينة لها ومنفعة لأهلها، لنرى من يحسن منهم ومن يسيء، ويمتاز افراد الطبقتين بعضهم عن بعض بحسب درجات اعمالهم.
{وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً} وانا لجاعلون الأرض وما عليها تراباً لا نبات فيه عند انقضاء الدنيا. والخلاصة ان {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 27].


الكهف: النقب المتسع في الجبل. الرقيم: اللوح الذي كتبت فيه اسماء اصحاب الكهف. فضربنا على آذانهم: أنمناهم عدداً من السنين، والنائم عادة لا يسمع. ثم بعثناهم: ايقظناهم. احصى: اضبطُ لاوقات لبثهم.
لقد انكر الذين استهوتهم الدنيا البعثَ، مع ان الوقائع تثبت الحياة بعد الرقود الطويل، وهذه قصة أهل الكهف واللوح الذي رُقمتْ أسماؤهم فيه بعد موتهم لم تكن وحدها من العجائب وان كانت قصةً خارقة للعادة.
اما قصتهم فهي ان جماعة من الشباب آمنوا بربهم، وهربوا بدينهم من الاضطهاد، فلجأوا إلى كهف، ودعوا ربهم ان ينقذَهم قائلين: ربنا آتِنا من عندك رحمة وهيّئ لنا من أرمنا رشَدا.
فاستجبنا دعاءهم، فأنمناهم آمنين في ذلك الكهف سنين عديدة لا ينتبهون. ثم أيقظناهم لنعلم مَن مِن الحزبين اللذين اختلفا في مدة مُكثهم بالكهف أضْبَطُ احصاءً لطول المدة التي مكثوها.
روي عن ابن عباس: إن الرقيم اسم قرية قرب أَيلة (العقبة)، ويقول ياقوت في معجم البلدان: (وبقرب البلقاء من اطراف الشام موضع يقال له الرقيم..) ويقول: (ان بالبلقاء بأرض العرب من نواحي دمشق موضعاً يزعمون انه الكهف والرقيم قرب عَمان، وذكروا ان عمّان هي مدينة دقيانوس) الملِكِ الذي كان في ذلك الزمان.
وهناك اقوال كثيرة متضاربة علُها عند الله. وقد اورد الطبري وغيره من المفسرين قصتهم، وليس لها سند صحيح، وقد اعتنى احد موظفي الآثار من أهل عمان بهذا الكهف وهو اليوم في ضواحي عمان، وعمل له باباً، وألّف رسالة مؤكدا فيها انه هو الكهف المقصود في القرآن، وبنى بجانبه مسجدا، والآن يزور الكهف كثير من السيّاح.


النبأ: الخبر العظيم. وربطنا على قلوبهم: قوّينا عزائمهم. الشطط: الجور والظلم. السلطان المبين: الحجة الظاهرة. اعتزلتموهم: بعدتم عنهم وتجنبتموهم. المرفق: كل ما ينتفع به. تزاور: اصله تتزاور، تميل. وتقرضهم: تجاوزهم. في فجوة منه: متسع من الأرض. وتحسبهم ايقاظا: تظنهم صاحين غير نائمين. وهم رقود: جمع راقد نائم. باسط ذراعيه: عندما يجلس الكلب فانه يمد ذراعيه. بالوصيد: فناء الكهف.
نحن نقصّ عليك أيها الرسول خَبَرهُم بالصدق، إنهم شبابٌ آمنوا بربهم وسط قوم مشركين، وزِدناهم هدى بالتثبيت على الإيمان.
وثبّتنا قلوبهم، فثبتوا ولم يرهبوا أحدا، ووقفوا وقفة واحدة فقالوا: ربّنا الحقُّ ربُّ السموات والارض، ولن نعبدَ غيره إلهاً، ولن نتحول عن هذه العقيدة، لأننا إذا دَعَوْنا غيرَ الله نكون قد بعُدنا عن الحق وتجاوزنا الصواب.
ثم إنهم تشاوروا فيما بينهم، فقال بعضهم لبعض: ما دمنا قد اعتزلْنا قَوْمَنا في كفرهم وشِركهم، فالجأوا إلى الكف فراراً بدينكم، وأخلِصوا لله العبادة، فإنه تعالى يبسط لكم الخير من رحمته في الدارَين، ويسهل لكم من امركم ما تنتفعون به من مرافق الحياة.
ثم بين تعالى حالهم بعد أن لجأوا إلى الكهف فقال: {وَتَرَى الشمس إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ اليمين...}.
وانك ايها المخاطَب لو رأيتَ الكهف لرأيت الشمس حين طلوعها تميل عنه جهةَ اليمين، ورأيتها حين الغروب تتركهم وتعدِلُ عنهم جهةَ الشمال، وهم في متّسع من الأرض، فحرارة الشمس لا تؤذيهم، ونسيمُ الهواء يأتيهم. وذلك كلّه من دلائل قدرة الله، فمن اهتدى بآيات الله فقد هاده وفقَ ناموسه حقا، ومن لم يأخذ بأسباب الهدى فقد ضلّ، ولن تجد له من يرشدُه ويهديه.
وتظنهم أيها الناظر منتبهين، وفي الحقيقة هم نيام، ونقلّبهم في نومهم مرةً يمينا، وُخرى يسارا لنحفظ أجسامَهم من تاثير الأرض، وكلبُهم الذي صاحَبَهم مادٌّ ذراعيه بفناء الكهف وهو نائم في شكل اليقظان. ولو شاهدتَهم وهم على تلك الحال لهربتَ منهم، {وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً} ولفزعت منهم فزعا شديدا، لأنهم في وضع غريب، وذلك لكيلا يدنومنهم احد ولا تمسّهم يد.
قراءات:
قرأ ابن عامر واهل المدينة: {مَرفِقا} بفتح الميم وكسر الفاء. والباقون: {مِرفقا} بكسر الميم وفتح الفاء. وقرأ ابن عامر ويعقوب: {تزورّ} بفتح التاء وإسكان الزاي وتشديد الراء. والباقون: {تزاور}. وقرأ أهل الحجاز: {لولّيت} بتشديد اللام وبالياء وبدون همزة. والباقون.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7